الغزو الروسي والفخ الأوكراني
بغض النظر عما إذا كانت اهداف الحرب مشروعه او غير مشروعه ،هناك تداعيات على الدول اخذها على محمل الجد ،مثلا دوله قويه مثل امريكا ،عندما غزت افغانستان كان عليها دراسات الربح والخساره من جميع النواحي ،وعلى مختلف الإصعده،لمدة عشرين سنه حاربت واشنطن من اجل اقصاء طالبان ،لكن طالبان عادت واستلمت الحكم بل وبطريقه مهينه ومذله لأقوى جيش بالعالم ،الدول الذكيه عليها التفكير مرارا وتكرارا قبل اقدامها على الغزو وخصوصا بمسألة سقوطها بالمستنقع ،أزمنة الحروب الخاطفه ولت ،والدليل حرب اليمن وليبيا وسوريا،أيضا هناك اتفاقيات ومعاهدات وتشريعات دوليه عفى عليها الزمن وتجاوزتها التطورات والأحداث ،كحق النقض الفيتو والذي لا يمثل إلا المحاصصه والوقوف في وجه العداله ونحن في زمن يدعي الحفاظ على العداله والسلم الدولي ،وبعض المعاهدات التي تمنع الدول من امتلاك سلاح نووي او الدخول في معاهدات واحلاف ،حيث يتناقض ذلك مع احترام سيادة الدول والتي كفلتها القوانين الدوليه ،روسيا تطالب بإتفاقية على عهد الإتحاد السوفيتي السابق وهي تعهد الناتو بألا يتمدد اكثر ،وتريد ضمانات للحفاظ على أمنها القومي وهذا لا يختلف عليه اثنان،لكن ليس على حساب سيادة دوله مستقله معترف بإستقلالها دوليا ،لها الحق بموجب حقها السيادي اختيار الإنضمام لأي حلف سواءا الناتو او غيره،كما يخولها هذا الحق بإمتلاك الأسلحه التي تريد ،خصوصا بإنعدام الثقه بالقانون الدولي وبين الدول وبالمعاهدات بعد احتل العراق الكويت واحتلت امريكا افغانستان والعراق بدون اي مسوغ قانوني ،وبعد ان احتلت روسيا نفسها جزيرة القرم بالقوه،وهي من الدول التي وقعت معاهدة بودابست حيث ضمان امن اوكرانيا مقابل تخليها عن سلاحها النووي بالإضافه لبريطانيا وامريكا،كان على موسكو التفكير جيدا قبل غزو اوكرانيا ،ودراسة حسابات الربح والخساره على المدى القصير والبعيد وفارق الكلفه بين الغزو من عدمه ،والتفكير جيدا قبل التعويل على تكهنات امور خاطئه مثل احداث خلافات بين اعضاء حلف الناتو او الإعتماد على التهديد بقطع الغاز ومصادر الطاقه ،وحتى التعويل على الحلفاء والنخبه بالداخل ،خصوصا ان لديها تجربه من مستنقع افغانسان ،ورأت كيف وقعت بعض الدول بمستنقعات حروب ،ما جنته اقل بكثير مما كلفها ، الإوضاع بالعالم تغيرت والتحالفات تبدلت والإقطاب تحدثت ووسائل الحروب تطورت والدروس إستخلصت ،عندما قررت روسيا غزو اوكرانيا بغض النظر عن الشرعيه كان عليها ان تعلم ان كييف ليست كالشيشان وجورجيا وسوريا ،كان على موسكو ان تعلم انها بمواجهة الناتو بأكمله مضافا إليه دول اخرى حليفه لواشنطن ،راهن بوتين على قوة الجيش الروسي في اوكرانيا وهذا صحيح هو جيش قوي وقادر على احتلال اوكرانيا بالكامل ،لكنه غفل كثيرا عن امور عديده والتي ستحدث ما بعد الاحتلال ،في الوقت الذي كان يحشد فيه بوتين للحرب ، كانت امريكا تقول ان روسيا قررت غزو اوكرانيا قبل فتره طويله من الغزو ،بالطبع استعد الناتو وحلفائه لهذا الغزو جيدا ،كذلك الشعب الاوكراني الذي غالبيته يميل الى الاتحاد الاوروبي ،وهذا هو الفخ المحكم الذي وضع فيه بوتين قدمه ،وإن لم يسحبها سيجد نفسه في مستنقع استنزافي وانهيار اقتصادي وعزله دوليه ،وحد بوتين اوروبا والناتو التي راهن على تفريقهم ،وحد الشعب الأوكراني الذي راهن على فرقته ،حيث ترك الملاكم قفازاته وعازف الأوبرا آلته والفنان ريشته والرياضي ملعبه وهب كل منهم للدفاع عن سيادته وكرامته وارضه وحلمه في ان يكون اوروبيا،الرئيس الاوكراني نفسه تحول من ممثل كوميدي الى بطل قومي ،تم تفعيل عقوبات بكل المجالات على روسيا ما كان يخطر ولا يخطر على البال ،ذابت المثاليات وتبخرت الإنسانيات فوصل الأمر حتى للرياضه والموسيقى وغيرها ولم يقف عند السياسه وحدها ،من اهداف غزو بوتين هو نزع الاسلحه لكنها بدأت تتدفق من كل حدب وصوب على كييف ،وهناك خطط معده مسبقا لمقاومه طويلة الأمد تستنزف الجيش الروسي ،ويكون لها دعم لا محدود من الناتو وغيره ،غزه المحاصره والتي لا يصلها الا بصيص من الدعم اعجزت الكيان المحتل لسنوات طويله ولا زالت ،فما بالك بأوكرانيا التي يدعمها غالبية العالم ،ولها خطوط دعم من دول عديده حدوديه معها تابعه او حليفه للناتو ،مالدوفيا رومانيا بولندا لاتفيا المجر وغيرها ،من اهداف غزو بوتين هو تغيير الحكومه الأوكرانيه التي سماها النازيه ،لكن الناتو خطط لخطوه استباقيه وهي حكومة منفى اوكرانيه تسحب الشرعيه من الحكومه المواليه التي يخطط بوتين لتنصيبها في كييف بعد احتلالها بالكامل ،ويتضح من ذلك ان بوتين ان لم يقف عند هذا الحد ،فكل تقدم اكثر سيكون بمثابة الغوص بالمستنقع اكثر والوقوع بين فكي كماشة فخ محكم ،مقاومة اوكرانيه بالداخل طويلة الأمد ،وعقوبات دوليه طالت وستطال الاخضر واليابس ،قد تؤدي الى تململ النخبه وتخلي الحلفاء وغليان الشعب الروسي اكثر ،وبدأت علامات ذلك تلوح بالأفق
بقلم
مياح غانم العنزي
المصدر : صحيفة العرب تايمز الامريكيه
رابط المقال
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=46250
بغض النظر عما إذا كانت اهداف الحرب مشروعه او غير مشروعه ،هناك تداعيات على الدول اخذها على محمل الجد ،مثلا دوله قويه مثل امريكا ،عندما غزت افغانستان كان عليها دراسات الربح والخساره من جميع النواحي ،وعلى مختلف الإصعده،لمدة عشرين سنه حاربت واشنطن من اجل اقصاء طالبان ،لكن طالبان عادت واستلمت الحكم بل وبطريقه مهينه ومذله لأقوى جيش بالعالم ،الدول الذكيه عليها التفكير مرارا وتكرارا قبل اقدامها على الغزو وخصوصا بمسألة سقوطها بالمستنقع ،أزمنة الحروب الخاطفه ولت ،والدليل حرب اليمن وليبيا وسوريا،أيضا هناك اتفاقيات ومعاهدات وتشريعات دوليه عفى عليها الزمن وتجاوزتها التطورات والأحداث ،كحق النقض الفيتو والذي لا يمثل إلا المحاصصه والوقوف في وجه العداله ونحن في زمن يدعي الحفاظ على العداله والسلم الدولي ،وبعض المعاهدات التي تمنع الدول من امتلاك سلاح نووي او الدخول في معاهدات واحلاف ،حيث يتناقض ذلك مع احترام سيادة الدول والتي كفلتها القوانين الدوليه ،روسيا تطالب بإتفاقية على عهد الإتحاد السوفيتي السابق وهي تعهد الناتو بألا يتمدد اكثر ،وتريد ضمانات للحفاظ على أمنها القومي وهذا لا يختلف عليه اثنان،لكن ليس على حساب سيادة دوله مستقله معترف بإستقلالها دوليا ،لها الحق بموجب حقها السيادي اختيار الإنضمام لأي حلف سواءا الناتو او غيره،كما يخولها هذا الحق بإمتلاك الأسلحه التي تريد ،خصوصا بإنعدام الثقه بالقانون الدولي وبين الدول وبالمعاهدات بعد احتل العراق الكويت واحتلت امريكا افغانستان والعراق بدون اي مسوغ قانوني ،وبعد ان احتلت روسيا نفسها جزيرة القرم بالقوه،وهي من الدول التي وقعت معاهدة بودابست حيث ضمان امن اوكرانيا مقابل تخليها عن سلاحها النووي بالإضافه لبريطانيا وامريكا،كان على موسكو التفكير جيدا قبل غزو اوكرانيا ،ودراسة حسابات الربح والخساره على المدى القصير والبعيد وفارق الكلفه بين الغزو من عدمه ،والتفكير جيدا قبل التعويل على تكهنات امور خاطئه مثل احداث خلافات بين اعضاء حلف الناتو او الإعتماد على التهديد بقطع الغاز ومصادر الطاقه ،وحتى التعويل على الحلفاء والنخبه بالداخل ،خصوصا ان لديها تجربه من مستنقع افغانسان ،ورأت كيف وقعت بعض الدول بمستنقعات حروب ،ما جنته اقل بكثير مما كلفها ، الإوضاع بالعالم تغيرت والتحالفات تبدلت والإقطاب تحدثت ووسائل الحروب تطورت والدروس إستخلصت ،عندما قررت روسيا غزو اوكرانيا بغض النظر عن الشرعيه كان عليها ان تعلم ان كييف ليست كالشيشان وجورجيا وسوريا ،كان على موسكو ان تعلم انها بمواجهة الناتو بأكمله مضافا إليه دول اخرى حليفه لواشنطن ،راهن بوتين على قوة الجيش الروسي في اوكرانيا وهذا صحيح هو جيش قوي وقادر على احتلال اوكرانيا بالكامل ،لكنه غفل كثيرا عن امور عديده والتي ستحدث ما بعد الاحتلال ،في الوقت الذي كان يحشد فيه بوتين للحرب ، كانت امريكا تقول ان روسيا قررت غزو اوكرانيا قبل فتره طويله من الغزو ،بالطبع استعد الناتو وحلفائه لهذا الغزو جيدا ،كذلك الشعب الاوكراني الذي غالبيته يميل الى الاتحاد الاوروبي ،وهذا هو الفخ المحكم الذي وضع فيه بوتين قدمه ،وإن لم يسحبها سيجد نفسه في مستنقع استنزافي وانهيار اقتصادي وعزله دوليه ،وحد بوتين اوروبا والناتو التي راهن على تفريقهم ،وحد الشعب الأوكراني الذي راهن على فرقته ،حيث ترك الملاكم قفازاته وعازف الأوبرا آلته والفنان ريشته والرياضي ملعبه وهب كل منهم للدفاع عن سيادته وكرامته وارضه وحلمه في ان يكون اوروبيا،الرئيس الاوكراني نفسه تحول من ممثل كوميدي الى بطل قومي ،تم تفعيل عقوبات بكل المجالات على روسيا ما كان يخطر ولا يخطر على البال ،ذابت المثاليات وتبخرت الإنسانيات فوصل الأمر حتى للرياضه والموسيقى وغيرها ولم يقف عند السياسه وحدها ،من اهداف غزو بوتين هو نزع الاسلحه لكنها بدأت تتدفق من كل حدب وصوب على كييف ،وهناك خطط معده مسبقا لمقاومه طويلة الأمد تستنزف الجيش الروسي ،ويكون لها دعم لا محدود من الناتو وغيره ،غزه المحاصره والتي لا يصلها الا بصيص من الدعم اعجزت الكيان المحتل لسنوات طويله ولا زالت ،فما بالك بأوكرانيا التي يدعمها غالبية العالم ،ولها خطوط دعم من دول عديده حدوديه معها تابعه او حليفه للناتو ،مالدوفيا رومانيا بولندا لاتفيا المجر وغيرها ،من اهداف غزو بوتين هو تغيير الحكومه الأوكرانيه التي سماها النازيه ،لكن الناتو خطط لخطوه استباقيه وهي حكومة منفى اوكرانيه تسحب الشرعيه من الحكومه المواليه التي يخطط بوتين لتنصيبها في كييف بعد احتلالها بالكامل ،ويتضح من ذلك ان بوتين ان لم يقف عند هذا الحد ،فكل تقدم اكثر سيكون بمثابة الغوص بالمستنقع اكثر والوقوع بين فكي كماشة فخ محكم ،مقاومة اوكرانيه بالداخل طويلة الأمد ،وعقوبات دوليه طالت وستطال الاخضر واليابس ،قد تؤدي الى تململ النخبه وتخلي الحلفاء وغليان الشعب الروسي اكثر ،وبدأت علامات ذلك تلوح بالأفق
بقلم
مياح غانم العنزي
المصدر : صحيفة العرب تايمز الامريكيه
رابط المقال
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=46250
السبت يونيو 11, 2022 7:51 pm من طرف مياح غانم العنزي
» الله ستر وما طحت
السبت يونيو 11, 2022 7:26 pm من طرف مياح غانم العنزي
» لا تسمي ابنك الكبير احد هذه الاسماء
السبت يونيو 11, 2022 7:03 pm من طرف مياح غانم العنزي
» لحظة رد فعل مستوطن بعد ان حاصره فلسطينيين في محطة محروقات
السبت يونيو 11, 2022 7:01 pm من طرف مياح غانم العنزي
» اخبرهم اخي صلاح
السبت يونيو 11, 2022 6:59 pm من طرف مياح غانم العنزي
» حديقة الحيوان في بولندا
السبت يونيو 11, 2022 6:58 pm من طرف مياح غانم العنزي
» منطقة مرور غزلان
السبت يونيو 11, 2022 6:42 pm من طرف مياح غانم العنزي
» شاطئ الزجاج في كاليفورنيا ...عجائب
السبت يونيو 11, 2022 6:40 pm من طرف مياح غانم العنزي
» الكاتب الصحفي مياح غانم العنزي في بر سلطنة عمان
السبت يونيو 11, 2022 6:38 pm من طرف مياح غانم العنزي